فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد
: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات
مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجد ريحها ، وإن
ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا "
رواه أحمد ومسلم في الصحيح .
و
لتفسير هذا الحديث نقول بعون الله .
الحمدلله وبعد
هذا
الحديث فيه إخبار عن صنفين من الناس لم يرهما النبي صلى الله عليه وسلم ، يظهران
بعد مضي زمنه صلى الله عليه وسلم ويكون مصيرهما إلى النار لعصيانهما ، وقد عدَّ
العلماء ظهورَ هذين الصنفين من أشراط الساعة الصغرى ، وهما :
الصنف
الأول : رجال معهم سياط... ، والمراد بهم من يتولى ضرب الناس بغير حق من ظَلَمَة
الشُّرَط أو منغيرهم ، سواء كان ذلك بأمر الدولة أو بغير
أمرالدولة
.
قال النووي : " فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة " شرح النووي على
صحيح مسلم 17/191.
وقال السخاوي : " وهم الآن أعوان الظلمة ويطلق غالبا على أقبح
جماعة الوالي ، وربما توسع في إطلاقه على ظلمة الحكام " الإشاعة لأشراط الساعة ص
119.
والدليل على كون ظهورهم من أشراط الساعة روايةُ الإمام أحمد وفيها " يخرج
رجال من هذه الأمة في آخرالزمان معهم أسياط كأنها أذناب البقر ، يغدون في سخط الله
ويروحون في غضبه " المسند 5/315 . صححه الحاكم في المستدرك 4/483 وابن حجر في القول
المسدد في الذب عن المسند ص53-54 .
الصنف الثاني : نساء كاسيات عاريات
مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة .
قال النووي في المراد
من ذلك : " أَمَّا ( الْكَاسِيَات العاريات) فمَعْنَاهُ تَكْشِف شَيْئًا مِنْ
بَدَنهَا إِظْهَارًا لِجَمَالِهَا , فَهُنّ َكَاسِيَات عَارِيَات . وقيل :
يَلْبَسْنَ ثِيَابًا رِقَاقًا تَصِف مَا تَحْتهَا , كَاسِيَات عَارِيَات فِي
الْمَعْنَى . وَأَمَّا ( مَائِلات مُمِيلات ) : فَقِيلَ : زَائِغَات عَنْ طَاعَة
اللَّه تَعَالَى , وَمَايَلْزَمهُنَّ مِنْ حِفْظ الْفُرُوج وَغَيْرهَا ,
وَمُمِيلَات يُعَلِّمْنَ غَيْرهنَّ مِثْل فِعْلهنَّ , وَقِيلَ : مَائِلَات
مُتَبَخْتِرَات فِي مِشْيَتهنَّ , مُمِيلات أَكْتَافهنَّ , وَقِيلَ : مَائِلات
إِلَى الرِّجَال مُمِيلات لَهُمْ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتهنّ َوَغَيْرهَا .
وَأَمَّا ( رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت ) فَمَعْنَاهُ : يُعَظِّمْنَ
رُءُوسهنَّ بِالْخُمُرِ وَالْعَمَائِم وَغَيْرهَا مِمَّا يُلَفّ عَلَى الرَّأْس ,
حَتَّى تُشْبِه أَسْنِمَة الإِبِل الْبُخْت , هَذَا هُوَ الْمَشْهُو رفِي تَفْسِيره
, قَالَ الْمَازِرِيّ : وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ يَطْمَحْنَ إِلَى الرِّجَال
وَلا يَغْضُضْنَ عَنْهُمْ , وَلايُنَكِّسْنَ رُءُوسهنَّ .... " شرح النووي على صحيح
مسلم 17/191. باختصار
قال الشيخ بن عثيمين : " قد فُسِّر قوله " كاسيات
عاريات " : بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة ، لا تستر ما يجب ستره من العورة ، وفسر :
بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة ، وفسر : بأن
يلبسن ملابس ضيقة ،فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة "
فتاوى
الشيخ محمد بن عثيمين 2/825 .
وفي الحديث الترهيب والوعيد الشديد من
فعل هاتين المعصيتين :
1- ظلم الناس وضربهم بغير حق
.
2- تبرج المرأة وإظهارها مفاتنها وعدم التزامها بالحجاب الشرعي
والخلق الإسلامي النبيل .
وهَذَاالْحَدِيث مِنْ مُعْجِزَات
النُّبُوَّة , فَقَدْ وَقَعَ هَذَانِ الصِّنْفَانِ ,
وَهُمَا مَوْجُودَانِ
.
كما قال النووي رحمه الله .