سفارة الدنمارك بدمشق تحترق وإيران تلغي العقود
بلغت حدة الغضب التي اجتاحت المسلمين في العالم من الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول عليه السلام التي نشرتها صحيفة غيلاندز بوستن الدانماركية، إلى الحد الذي دفع آلاف المتظاهرين اليوم إلى إحراق مبنى السفارة الدانماركية في دمشق.
وقال مراسل الجزيرة في دمشق إن آلاف السوريين تناقلوا منذ يوم أمس رسائل عبر الهواتف النقالة، أكدوا فيها عزمهم مهاجمة مقر السفارة، وأوضح المراسل أن شرطة مكافحة الشغب حالت في البداية دون وصول المتظاهرين إلى المبنى الذي توجد فيه السفارة، والذي يضم أيضا مقر السفارة السويدية والتشيلية والمجرية.
وأشار المراسل إلى أن المتظاهرين بدؤوا بإلقاء حزما مشتعلة وأعواد ثقاب على السفارة، مما أدى إلى اندلاع النيران فيها، حتى أتت على المبنى كله، وقال شهود عيان إن بعض المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى المبنى وقاموا بإلقاء بعض محتوياته قبل أن تأتي النيران عليه بالكامل.
وفي تصعيد إسلامي آخر ردا على رفض الدانمارك الاعتذار للمسلمين من الإساءة للرسول الكريم، أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أنه أصدر تعليمات بفسخ عقود اقتصادية أبرمتها إيران مع الدانمارك والدول التي أعادت نشر الرسوم مستخفة بمشاعر المسلمين.
الغضب الإسلامي مستمر
المسلمون طالبوا باستمرار المقاطعة وقطع العلاقات الدبلوماسية
وكان عشرات الفتية الفلسطينيين قد اقتحموا صباح اليوم مقر الاتحاد الأوروبي في غزة، ورشقوا المقر بالحجارة احتجاجا على الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة.
وفي مدينة الناصرة في أراضي 1948 تقدم رئيس الحركة الإسلامية الشيخ رائد صلاح مظاهرة شارك فيها آلاف المسلمين للتنديد بنشر الرسوم المسيئة، وشهدت مدينة إسطنبول التركية مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف المسلمين الأتراك.
كما ندد بطريرك القدس لطائفة اللاتين ميشال صباح بهذه الرسوم، واصفا إياها بأنها نقص لكل القيم والمعايير، وفي الأردن أصدر المدعي العام قرارا باعتقال رئيس تحرير صحيفة شيحان الأسبوعية، بسبب قيامه بإعادة نشر بعض الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة، كما أمر بفتح تحقيق مع المسؤولين في صحيفة "المحور" الأسبوعية لقيامها بنشر رسوم مشابهة الشهر الماضي.
وكان ملايين المسلمين في الدول العربية والإسلامية والعديد من الدول الأوروبية قد أحالوا يوم أمس يوم "غضب لله والرسول"، حيث تظاهر المسلمون في مصر والأردن وسوريا ولبنان وقطر والسعودية واليمن وموريتانيا والسودان وبنغلاديش وباكستان وفي غزة والضفة الغربية تعبيرا عن استيائهم من الرسوم الكاريكاتيرية.
وطالب المتظاهرون حكومات بلادهم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدانمارك والدول الأوروبية المعنية، ودعوا لمواصلة المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الدانماركية.
وفي لبنان دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصر إلى تحويل يوم عاشوراء الموافق التاسع من الشهر الجاري إلى يوم غضب إسلامي عالمي، ودعا أوروبا إلى سن قوانين تمنع الإساءة للإسلام، ونوه إلى الازدواجية التي تعامل بها الأوروبيون مع الرسوم المسيئة بحجة حرية التعبير، مقارنة مع التشدد الذي يبدونه مع كل من يحاول أن يناقش مدى جدية المحارق اليهودية.
وفي إندونيسيا اقتحم المصلون أمس مقر السفارة الدانماركية وأحرقوا العلم الدانماركي، فيما أدان الرئيس الإندونيسي اليوم سوسيلو بامبانغ يوديونو الرسوم المسيئة، لكنه دعا الإندونيسيين للهدوء.عشرات المعتصمين أمام السفارة الدنماركية بالعاصمة الأدرنية
تظاهر عشرات الأردنيين، اليوم الاثنين، أمام السفارة الدنماركية في العاصمة عمان؛ للاحتجاج على إعادة نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وقام المتظاهرون الذين يُقدر عددهم بـ 300 شخص، بإحراق الأعلام الدنماركية، وهم يرددون: "لا سفارة دنماركية على أرض أردنية".
وحمل المتعصمون أعلامًا أردنية وأخرى للإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن، كما حملوا لافتات كُتب عليها: "شُلت يد الرسام الدنماركي الذي تطاول وأساء لرسول الفضيلة" و"أرواحنا وأبناؤنا وأموالنا فداك يا رسول الله" وأخرى كُتب عليها: "ثأرًا لسيد العرب والعجم .. يا حكومة اطردي سفير الدنمارك".
مطالبة الحكومة الأردنية بقطع العلاقات مع الدنمارك
وطالب "حمزة منصور"، النائب عن جبهة العمل الإسلامي في مجلس النواب الأردني، بمقاطعة المنتجات الدنماركية، ودعا الحكومة الدنماركية إلى الاعتذار عن الإساءة إلى الرسول والعرب والمسلمين.
كما حثَّ منصور الحكومة الأردنية على التعامل مع الأمر بجدية حتى لو أدى الأمر إلى قطع العلاقة مع الدنمارك أو تقليصها، مؤكدًا أن الإساءة للنبي الكريم "ليست حرية وإنما هذه جرائم".
وقال: "حين يُسب زعيمٌ تقوم الدنيا ولا تقعد وحين يُشتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه حرية رأي. هذه ليست حرية رأي وإنما هي معركة تستهدف الإسلام والمسلمين".
من جانبه، طالب زكي بني ارشيد، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، الحكومة الأردنية وحكومات العالم العربي والإسلامي بـ"ممارسة الضغط على الدنمارك لإيقاف مثل هذه الإساءات المتكررة".
وقال: "نحن هنا للتعبير عن رفض الشعب الأردني لهذه الإساءات المتكررة بحق النبي محمد" صلى الله عليه وسلم، مضيفًا أن "هذه رسالة واضحة إلى العالم: نحن نرفض هذا التصرف الذي يشكل استهدافًا للدين الإسلامي وللرسول الكريم" عليه الصلاة والسلام.
تسليم مذكرة للسفارة الدنماركية:
وكلل المعتصمون احتجاجهم، بتسليم سفارة الدنمارك في عمان مذكرة موجهة لرئيس حكومتها؛ للتعبير عن مشاعر "الصدمة والقلق" التي تنتاب المسلمين جراء معاودة 17 صحيفة دنماركية نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، على هذا النحو "المتعمد"، و"المصحوب بالإصرار العميق، رغم ما ألحقته تلك الرسوم من أذى وإساءة بالغة لجميع المسلمين على امتداد الكرة الأرضية".
ولفتت المذكرة، التي قدمها حزب جبهة العمل الإسلامي، إلى أن إعادة نشر هذه الرسوم "ينطوي على استهتار بالغ وشديد تجاه الأمة الإسلامية التي تشكل ربع سكان الأرض، وهذا الاستهتار يعبر عن لامبالاة غربية بما ينتج عن هذا الفعل من آثار بالغة السوء على مختلف الأطراف".
كما أن هذا الفعل، بحسب المذكرة، "يعمق العداء بين الشعوب، ويوقد النار تحت مرجل التعصب الذي يؤثر على استقرار المنطقة وعلى السلام العالمي الذي يهدف كل العقلاء إلى إقامته وديمومته".
وشددت على أن "تكرار الإساءة على هذا النحو الواسع" يعبر عن "حجم التحريض والتعبئة التي تمارسها بعض الجهات ضد الإسلام دينا وعقيدة وثقافة"، كما يعبر عن "مخزون التعصب المقيت الذي يسيء إلى مقدسات الأمم".
وطبقًا لما أورده حزب جبهة العمل الإسلامي على موقعه على شبكة الإنترنت، فقد طالبت المذكرة الحكومة الدنماركية بالاعتذار "العلني والصريح" للعالم الإسلامي عن هذه "الإساءة البالغة"،ومعاقبة المسيئين الذين "مارسوا هذا العدوان الأحمق"، ووضع تشريعات رسمية تمنع الإساءة إلى كل الأديان والمقدسات، ووقف حملات "التحريض والتعبئة المتعصبة ضد الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام والمناهج الدنماركية".